المختصر المفيد في صلاة الوتر
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
1- فضل صلاة الوتر:
إن صلاة الوتر فضلها عظيم، وأعظم ما يدل على ذلك هو:-
أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يدعها في حضر ولا سفر، وهذا دليل واضح على أهميتها.
2- حكم صلاة الوتر:
الوتر سنة مؤكدة.
3- وقت صلاة الوتر:
أجمع العلماء على أن وقت الوتر لا يدخل إلا بعد العشاء، وأنه يمتد إلى الفجر.
فعن أبي بصرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" إن الله زادكم صلاة فصلوها بين العشاء والفجر" رواه أحمد.
4- أفضل وقت لصلاة الوتر:
الأفضل تأخير فعلها إلى آخر الليل وذلك لمن وثق باستيقاظه لحديث
جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وسلم: " من خاف أن لا يقوم آخر الليل ، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة ، وذلك أفضل " أخرجه مسلم.
5- عدد ركعات الوتر:
ليس للوتر ركعات معينة، وإنما أقله ركعة، لقوله صلى الله عليه وسلم:
" الوتر ركعة من آخر الليل " رواه مسلم.
ولا يكره الوتر بواحدة لقوله صلى الله عليه وسلم:
" ومن أحب أن يوتر بواحدة، فليفعل " أخرجه أبو داود
وأفضل الوتر إحدى عشرة ركعة يصليها مثنى مثنى ويوتر بواحدة
لقول عائشة رضي الله عنها: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة " وفي لفظ " يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة" أخرجه مسلم.
ويصح أكثر من ثلاث عشرة ركعة ولكن يختمهن بوتر كما جاء في الحديث: " صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح أوتر بواحدة" أخرجه البخاري.
6- القراءة في الوتر:
يسن للمصلي أن يقرأ في الركعة الأولى من الوتر ب { سبح اسم ربك الأعلى } وفي الركعة الثانية ب { قل ياأيها الكافرون } وفي الثالثة ب { قل هو الله أحد }
لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى ب { سبح اسم ربك الأعلى } وفي الثانية ب { قل ياأيها الكافرون } وفي الثالثة ب { قل هو الله أحد } والمعوذتين " أخرجه الترمذي.
7- القنوت في الوتر:
القنوت في الوتر مستحب وليس بواجب، والدليل على مشروعيته:
أنه صلى الله عليه وسلم كان يقنت في ركعة الوتر ولم يفعله إلاّ قليلاً.
ولما روي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: " علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت " أخرجه أبو داود.
8- محل القنوت:
القنوت في الوتر يكون في الركعة الأخيرة من الوتر بعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع، كما
يصح بعد الرفع من الركوع وكلها قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم.
9- قضاء من فاته الوتر:
ذهب جمهور العلماء إلى مشروعية قضاء الوتر.
فقد جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره " أخرجه أبو داود.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " إذا أصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر " أخرجه الحاكم.
والسنة قضاؤها ضحى بعد ارتفاع الشمس وقبل وقوفها, شفعاً لا وتراً، فإذا كانت عادتك الإيتار بثلاث ركعات في الليل فنمت عنها أو نسيتها شرع لك أن تصليها نهاراً أربع ركعات في تسليمتين، وإذا كانت عادتك الإيتار بخمس ركعات في الليل فنمت عنها أو نسيتها شرع لك أن تصلي ست ركعات في النهار في ثلاث تسليمات، وهكذا الحكم فيما هو أكثر من ذلك.
10- حكم ترك صلاة الوتر:
فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن ذلك فقال: " الحمد لله، الوتر سنة باتفاق المسلمين، ومن أصر على تركه فإنه ترد شهادته، والوتر أوكد من سنة الظهر والمغرب والعشاء، والوتر أفضل الصلاة من جميع تطوعات النهار، كصلاة الضحى، بل أفضل الصلاة بعد المكتوبة صلاة الليل، وأوكد ذلك الوتر وركعتا الفجر، والله أعلم ".
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد
هل تختلف صلاة الوتر عن صلاة الليل
هل هناك فرق بين صلاة الوتر وصلاة الليل ؟.
الحمد لله
صلاة الوتر هي من صلاة الليل ، ومع ذلك فهناك فرق بينهما .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الوتر من صلاة الليل ، وهو سنة ، وهو ختامها ، ركعة واحدة يختم بها صلاة الليل في آخر الليل ، أو في وسط الليل ، أو في أول الليل بعد صلاة العشاء ، يصلي ما تيسر ثم يختم بواحدة " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (11/309) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" والسنة قولاً وفعلاً قد فرقت بين صلاة الليل وبين الوتر ، وكذلك أهل العلم فرقوا بينهما حكماً ، وكيفية :
أما تفريق السنة بينهما قولاً : ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سال النبي صلى الله عليه وسلم كيف صلاة الليل ؟ قال : ( مثنى مثنى ، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة ) رواه البخاري . وانظر "الفتح" (3/20) .
وأما تفريق السنة بينهما فعلاً : ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه ، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوتر . رواه البخاري . وانظر : "الفتح" (2/487) ، ورواه مسلم (1/51) بلفظ : ( كان يصلي صلاته بالليل وأنا معترضة بين يديه فإذا بقي الوتر أيقظها فأوترت ) . وروى (1/508) عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها ) . وروى (1/513) عنها حين قال لها سعد بن هشام بن عامر : أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : ( ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ، ويدعوه ، ثم ينهض ولا يسلم ، ثم يقوم فيصلي التاسعة ، ثم يقعد فيذكر الله ، ويحمده ، ويدعوه ، ثم يسلم تسليماً يسمعنا ) .
وأما تفريق العلماء بين الوتر وصلاة الليل حكماً : فإن العلماء اختلفوا في وجوب الوتر ، فذهب أبو حنيفة إلى وجوبه ، وهو رواية عن أحمد ذكرها في "الإنصاف" و "الفروع" ، قال أحمد : من ترك الوتر عمداً فهو رجل سوء ولا ينبغي أن تقبل له شهادة .
والمشهور من المذهب أن الوتر سنة ، وهو مذهب مالك ؛ والشافعي .
وأما صلاة الليل فليس فيها هذا الخلاف ، ففي "فتح الباري" (3/27) : "ولم أر النقل في القول بإيجابه إلا عن بعض التابعين . قال ابن عبد البر : شذ بعض التابعين فأوجب قيام الليل ولو قدر حلب شاة ، والذي عليه جماعة العلماء أنه مندوب إليه " انتهى .
وأما تفريق العلماء بين الوتر وصلاة الليل في الكيفية : فقد صرح فقهاؤنا الحنابلة بالتفريق بينهما فقالوا : صلاة الليل مثنى مثنى ، وقالوا في الوتر : إن أوتر بخمس ، أو سبع لم يجلس إلا في آخرها ، وإن أوتر بتسع جلس عقب الثامنة فتشهد ، ثم قام قبل أن يسلم فيصلي التاسعة ، ثم يتشهد ويسلم ، هذا ما قاله صاحب "زاد المستقنع" " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (13/262-264) .
وبهذا يتبين أن صلاة الوتر من صلاة الليل ، ولكنها تخالف صلاة الليل في بعض الفروقات ، منها : الكيفية .
والله أعلم .